المفكر السوري سلامة كيله يتحدث عن الثورة واستبداد بشار: التحرر من الفساد والقمع لا يعني التبعية للغرب.. ولابد من تطوير الثورة

السعودية وقطر دعمتا النظام ضد الثورة في البداية.. وانقلبتا عليه لاستغلالها عندما فشل في قمعها
الحديث عن ثورة سلمية يمكن أن يخلخل نظاما لا يهدمه .. وأنا مع الثورة بكل أشكالها ضد النظام الاستبدادي
الثورة في سوريا مستمرة وستنجح.. والتدخل العسكري سيؤدي لوصول الإسلاميين للحكم.. وإن وصلوا سينبطحون للكيان الصهيوني
سلامة: السعودية مولت جهاديين غير سوريين لافتعال صراع طائفي.. ومرسي يعادي الأسد لتحقيق الخلافة الإسلامية
كيلة: لا يمكن أن أتحالف مع قطر والسعودية وكلاهما نظام مافيوي برجوازي رجعي متخلف… ولا توجد قوة ستدخل “لوجه الله”
النظام السوري باع كل شيء لقطر وجعل منها زعيمة الممانعة في2007 وحمد لديه قصر على جبل بسوريا
الإسلاميون جروا النظام لأعمال تخريبية لاستجداء العالم.. والمعارضة الخارجية ليس لديها رافد شعبي

حوار- مدحت صفوت:

يعد المفكر سلامة كيلة “1955” من أهم المفكرين السورين الرافضين لاستمرار بشار الأسد في حكم سوريا، ولقى جراء ذلك أن تم اعتقاله في أبريل الماضي، قبل أن يخرج من سوريا ليقيم ما بين الأردن ومصر. وفي زيارته الأخيرة لمصر التقت جريدة البداية به، ودار هذا الحوار:

مؤخرًا، أشرت إلى ما أسميته “بالإمبريالية الروسية”، وهو ما أثار حفيظة الكثيرين، ماذا تقصد بالإمبريالة أولا؟ وهل البنية الاقتصادية الروسية بنية استعمارية؟
يبدو في السنوات الماضية، بعد انهيار الاشتراكية قد انمحى، نتيجة الهروب من اليسار والماركسية، تم تجاهل الكثير من المصطلحات؛ فضلا عن الفهم الذي رسخت له الماركسية السوفيتية، حيث بدا المفهوم سياسيًا، “التدخل السياسي والاحتلال”، وليس نمطًا لبنية اقتصادية قبل كل شيء، الرأسمالية بطبيعتها إمبرالية، تقوم على الهيمنة وتمركز رأس المال واحتكار اﻷسواق، والسيطرة وبالتالي نهب اﻷطراف.
ما جرى في روسيا بعد الانهيار، هو قطع مع الدولة والملكية العامة لمصلحة مافيا نهبت الاقتصاد الروسي، وتشكلت مع بوتين قوى انتاج رأسمالية. ومن هذا المنظور تسعى روسيا إلى التوسع، وتنافس في السوق العالمي، ويجعلها تمارس الممارسات الإمبريالية، وكان آخر اقتراح لبوتين في اجتماع منطقة المحيط الهادئ، هو اقتراح أوباما وبوش الخاص بتحرير اﻷسواق.
روسيا تحاول أن تفتح أسواقًا تروج فيها سلعها، ومن ثم روسيا مثل أمريكا وألمانيا، دولة رأسمالية، تسيطر عليها طغم مالية، وهي في تنافس واضح مع الإمبريالية اﻷمريكية.

المنتج اﻷول في روسيا “الغاز الطبيعي” ومن بعده السلاح.. أين هو التنافس في تصدير مواد خام؟ كما أن تجارة السلاح ليست بحجم تصدير الطاقة مثلا.
تجارة السلاح تحتاج إلى أسواق ومناطق نفوذ، لكن أيضًا السلع اﻷخرى لا تنتشر إلا في مناطق النفوذ، وبالسيطرة على اﻷسواق، وهذا ما يفعله بوتين “إيجاد مناطق نفوذ” لكي تصبح السلع قادرة على المنافسة.

وهل الفترة التي قضاها بوتين كافية للتحول من النظام الاشتراكي والملكية العامة إلى النظام الرأسمالي؟
طبعا، ﻷن روسيا في إطار الاشتراكية تطورت تطورُا مذهلا، فهناك تطور علمي كبير، وهناك أساس اقتصادي متين، تم ترسيخه في روسيا الاشتراكية، التي اهتمت ببناء الدولة وسحق الإنسان، ومن ثم خلفت فوارقًا طبيقية، تفرض شكلها الرأسمالي، ولهذا فهو إمبريالي. فكل تطور رأسمالي يقود إلى تشكل إمبريالي، بمجرد بناء صناعة ستندفع تلقائيًا نحو الإمبريالية، وهذا هو تحليل ماركس باﻷساس، وطوره بعده لينين، في كتابه الذي ترجم بالخطأ”الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية” والصواب هو”أحدث مراحل الرأسمالية”، أي الجديدة، وروسيا اﻵن تفعل ما كانت تفعله ألمانيا، بداية القرن العشرين، بعدما أن تخلفت عن أوروبا صناعيا بدأت في غزو العالم للسيطرة، رغم أن الحزب النازي كان يسمى بالحزب الاشتراكي، لكنه كان يعبر عن أزمة الرأسمالية في وقتها، والتي تمر بمثلها روسيا فضعف أمريكا هو ما دفع روسيا للتقدم.

في حديثك تجنبت ذكر الصين.. فهل الصين بعيدة عن الصراع الرأسمالي العالمي؟ وهل هي إمبريالية كحليفتها روسيا؟
الصين حتى اﻵن مرحلة وسط، شكل إمبريالي ساذج، ينطلق من تصدير السلع اعتمادًا على رخصها لا يميل إلى الهيمنة العسكرية، ولم تصل بعد إلى مرحلة تحتاج إلى التوسع الخارجي، فالاقتصاد الصيني لم يتشكل بشكل رأسمالي واضح، فمعظم السلع تنتجها جهات ذات ملكية عامة، وكما أن البيان الشيوعي قال الرأسمالية ستدك سور الصين عبر السلع الرخيصة، فالصين تفعل ذلك اﻵن، فهي تصنع سلع بمستويات مختلفة،وهو نزوع إمبريالي.
لكن الصين تتحالف مع روسيا.. فكيف تتحالف مع دولة إمبريالية؟
اﻵن تشكل مع روسيا تحالفا مع بعض الدول التي تحاول أن تتطور رأسماليًا مثل الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، لتكوين محورًا رأسماليا جديدًا يواجه الرأسمالية الغربية ومحورها القديم أمريكا وأوروبا واليابان. وبالتالي هي تتهيأ لتطور إمبريالي، بينما روسيا أصبحت إمبريالية بالمعنى المتكامل الداخلي والخارجي. فالصين لا زالت داخليًا لم تصبح إمبريالية ولم تؤسس تحالفات عالمية تسمح لها بذلك.

في كتاب “اليسار السوري الراهن” أخذت على القوى اليسارية تحالفها مع حزب البعث ما أدى إلى وأد ثورة اشتراكية في سوريا، مما أدى إلى “برجزة” المجتمع السوري، على حد قولك. لكنك تقف اﻵن في صف نظم عربية رجعية كالسعودية وقطر.. وفي صف الإمبريالية أمريكا والغرب.
بداية البعث والناصرية كان أكثر تقدمية من اﻷحزاب والقوى اليسارية اﻷخرى سواء على صعيد اﻷحزاب الشيوعية أو اﻷحزاب الاشتراكية اﻷخرى. ولم تكن هذه اﻷحزاب تمتلك رؤية وأساليب واضحة لتحقيق الثورة الاشتراكية، لذلك حين انتصر البعث وجدت أن البعث متطور جدًا عنها، وفعلا البعث متطور عن اﻷحزاب الشيوعية التي سبقته، ﻷن اﻷحزاب الشيوعية كانت تفكر بتطور رأسمالي، ﻷنها كانت تطالب بمطالب اقتصادية من ناحية ومن ناحية تناضل نحو الديموقراطية، لكن البعث تحرك نحو حل مشكلات واقعية في المجتمع السوري كالإصلاح الزراعي والتعليم وتحديث الصناعة وتحقيق حد أدنى للأجور وضمان اجتماعي وصحي. لذلك صفق الشيوعيون المصريون لناصر وهم في السجون ﻷنه حقق أكثر مما كانون يحلمون به. وهو ما دعاهم إلى الغرق المطلق في دعم نظم شمولية، ولا يزالوا يدعمونها في يسوريا.
وبالنسبة لتحالفك مع قطر والسعودية؟
بالنسبة للتحالف مع قطر والسعودية، أعتقد أن واحدًا مثلي يخوض المعارك ضد الإسلاميين، والذين يتهمونني كانوا باﻷمس يتحالفون معهم، وكان نقدي عليهم أنهم يلتحقون بالإسلامييين ويضيعون طابع اليسار ويضخمون من قدرات الإسلاميين، فلا يمكن لي اﻵن أن أتحالف معها ﻷني أعرف قدرات القوى الإسلاميةـ وأعرف أنها تمثل شكلا لتحالف مافيا برجوازية رجعية متخلفة، وهي ليس لديها خيارات إلا الحل الإسلامي الشمولي الذي يعمم الشمولية إلى ما هو فردي وخاص، ويلهي الناس بما هو أخلاقي ليبعدهم عن فهم مشكلاتهم الاجتماعية والاقتصادية. ليس من الممكن أن أكون مع قطر أو السعودية، فرأيي لم يختلف فيها لا قبل أو اﻵن، فهي نظم تابعة ملحقة مافيوية نهبت وتنهب وتمارس التخلف والتخليف في المنطقة العربية، كتبت في الماضي وأكتب وسأكتب في ذلك السياق.
إذن كيف يمكن الخروج من ثنائية أم أنك مع المستبد أو أنك في صف الرجعية؟
هذه إشكالية لها علاقة في عقل قطاع كبير من اليسار السوري، وكذلك العقل التقليدي فإما معنا أو ضدنا، ولا توجد مساحات بين”المع أو الضد”، واليسار السوري والعربي بكامله لم يصل إلى مستوى الفكر الأوروبي الحديث الذي طرح قضايا العقلانية. وظل يقيس بذاته ودون أن يرى اﻵخر، ورأى اﻵخر من منظور الذات.وهذا إشكال منهجي فكري، وهو الذي حكم الفكر الماركسي العربي، وتسبب في الكوارث التي اشرت إليها في كتابي “اليسار السوري”.
هذا المنطق اﻷحادي الذي جعل كل من يرفض النظام السوري حليفًا للسعودية وقطر، ولكن في الإطار المنطقي ليس بالضرورة أن أكون في صف الرجعية، فأي ظاهرة ستجد من يحاربها من اليمين ومن اليسار. وليس من الضرورة أن يتحالف اليمين مع اليسار ضدها. والمشكلة تكمن في العقل الذي تبلور على الماركسية السوفيتية والذي كان يقول بمفهوم الحلقة المركزية، جعل إمكانية التحالف بين القوى المتخلفة والقوى المتقدمة ممكنًا. وهو ما تمت ممارسته في الماضي، عبر التحالف مع الإسلاميين، وهذا ما أرفضه أصلا، المنطق والممارسة، وان اتفقت مع الإسلاميين أنسق معهم ولا أتحالف. وطبعا جرى أتهامي في اﻷردن مثلا، لكن من يتابع على ما أكتبه يجدني أركز على فضح السياسات السعودية في المنطقة، فهي ليست مع الثورة ولم تكن معها وليست معها اﻵن.

كيف يكون ذلك؟
السعودية تعاني من وضع اقتصادي مأزوم، يهيأ لانفجار اجتماعي، وتملقها الرعب منذ ثورة مصر وتونس، ومن بعدها اليمن والبحرين وسوريا. وهي اﻵن تعمل على اجهاذ الثورة السورية، لذلك كانت هناك مصالحة بين بشار وملك السعودية في قمة الكويت، والسعودية والإمارات قدمتا دعما ماليا لمدة ستة أشهر بعد انطلاق الثورة في سوريا، ودعمته ليسحق الثورة، وحين أدركت عجز النظام توجهت السعودية لدعم القوى الأصولية، وفي أكتوبر 2011بدى بالدفع لصبغ الثورة بالطابع الإسلامي وخضعت لذلك قناتا الجزيرة والعربية.
وبدأوا بدعم السلفيين والإخوان ماليا واتجهوا في عسكرة الثورة بطريقة غير عقلانية، والإسلاميون قادرون على تشكيل قوات مسلحة، لكن الإسلاميين ليسوا قوة على اﻷرض، وهم مجموعات صغيرة، وبالتالي توصلت السعودية إلى دعم إسلامي سوريا بسلفيين من الخارج “جهاديين”، فبدأت تضغط على اﻷردن وتركيا لإدخال مجموعات سلفية من المغرب العربي، وكان هدفها افتعال صراع طائفي، وتم تدريب هؤلاء الجهادين وتثقيفهم بالسعودية، وحين ينتهي الصراع مع النظانم سيتحول الصراع مع الشعب السوري، وهو ما حدث في العراق.
إذن سوريا في خطر بهذا الشكل وبهذا التصور؟
نعم، ففي العراق ذهب الزرقاوي وخرب المقاومة العراقية، والشعب السوري يعرف ذلك والسوريون متحسسون من مسألة الاحتلال، وقد قام بعض السوريين بتهديد هؤلاء الجهادين وقتل لبعضهم، خصوصا بعضهم تحرش بعض القرى المسيحية والعلوية.ومن هذا المنظور أنا لست خائفًا على سوريا، فالسوريون سيلفظ الجهادين. وبشكل واضح السعودية في خلافها مع النظام يمكن أن يحل بأشكال مختلفة ومن ثم تقف ضد الثورة.

لكن هناك رؤية تقول ثمة مشروع قطري لتصدير الغاز الطبيعي لأوروبا عبر سوريا. وبالتالي تخوض قطر معركة ضد بشار؟
النظام السوري هو الذي باع لقطر كل شيء، وقبل الثورة السورية، من مناطق للسيطرة الاقتصادية ومشاريع، وحمد له قصر على قمة جبل، والنظام السوري جعل من قطر زعيمة الممانعة العربية في2007، وكانت العلاقة وثيقة مع قطر، التي ليست في حاجة لتغيير النظام لتأخذ.

إذن لماذا تقف قطر ضد بشار؟
قطر تعمل ضمن منظورين، اﻷول عالمي بإعتبارها جزءًا من المنظومة اﻷمريكية، التي تريد تغيير النظم. ومن منظور آخر:التي تحمل به مشروع اسلمة المنطقة، وتسعى إلى تعميم اﻷسلمة لوصول الإخوان إلى السلطة في سوريا كما حدث في مصر وتونس. ولكنهم فشلوا في ليبيا وبالضرورة سيفشلون في سوريا إلا عبر خيار واحد، هو خيار التدخل العسكري الخارجي الإمبريالي، وهو ما فهمه الإخوان، لهذا أسسوا المجلس الوطني لتبرير استدعاء التدخل الخارجي للوصول إلى السلطة، وليس من خيار آخر. ومن ثم تقوم القوى الإسلامية بعمليات تخريب على اﻷرض، حيث تقوم القوات التابعة للإسلاميين بارتكارب عمليات تدميرية أو جر السلطة لعمل تدميري لتظهر السلطة بشكل وحشي تستجدي تدخل العالم، وحين أدركوا أن العالم غير معني بدأوا يزيدون لكي يستجدوا أكثر. وهم يعرفون أنه ليس لديهم خيار لا بانتخابات أو بتغير السلطة، وهو ما يجعلهم يقومون بالأعمال التخريبة داخل سوريا يجب أن يكشف ويواجه.

إذن أنت ضد التدخل العسكري الخارجي.. بكافة أشكاله: عربي أو غير عربي.
بالتأكيد، أنا لا أعتقد أن قوى ستدخل “لوجه الله” ففي ليبيا هناك مصالح، وفي سوريا لا توجد مصالح، بالتالي لا يمكن أن أجيء لبلدي بقوة تنهبي وتدمر، كما حدث في العراق الذي بقي مدمرًا.بجانب أن القوى الإمبريالية تعمل على تخلفي وتخليفي وبالتالي كيف أراهن عليها في تخليصي من نظام، حتى لو كان وحشيًا؟

ولماذا تنادي بعض اﻷطراف غير الإسلامية بالتدخل العسكري الخارجي؟
فهذا الإشكال له علاقة بجو عام في المعارضة السورية، فأثناء ضربات النظام القوية في الثمانينيات، أصيبت المعارضة بحالة عجز شامل، والعاجز يريد آخر يقوم مقامه، فهو يريد إسقاط السلطة وهو عاجز، فيستدعي آخرا وينصبه ملكا على البلاد. وهذه القوى غير قادرة على تقديم شيئًا للثورة، وبعض أطرافها يقوم بتأخير الثورة ويتحمل مع النظام مسئولية الدم.

وهل أنت مع الثورة المسلحة؟
أنا مع الثورة بكل أشكالها، لم أكن أعتقد أن الثورة يجب أن تكون سلمية بالمطلق، حتى خين شاركت بالثورة المصرية كنت أضحك من شعار “سلمية”، فالسلمية يمكن أن تهز نظامًا أن تخلخله، لكن لا يمكن أن تسقطه، وتبقي الطبقة المسيطرة قادرة على المناورة لكي تبقى في السلطة، وهذا ما جرى؛ حيث عمل المجلس العسكري على الضحك على العالم بإدعاء انتمائه للثورة وأشرك الإسلاميين ولم يغير شيئًا. وطبيعي أن تصبح الثورة في سوريا مسلحة لكن نقدي هو أن الشكل المسلح لم ينظم كفاية ولم يرتب بطريقة تكون فعاليته أقوى وليس لديه استراتيجية لاسقاط النظام.

إذن كيف تقرأ موقف فاتح جاموس وهيثم مناع ومبادرات “التغييرالسلمي”؟
من الأساس اتخذ جاموس موقفا سلبيا من الثورة ﻷنه ارتعب من انتفاضة الشعب وظل متشككا في الثورة، ولم ير شيئًا في الواقع وتعلق بأوهام وسار خلفها. أيضًا هيثم مناع في السياق نفسه. وحين تشكلت هيئة التنسيق، ومناع عضو أساسي فيها، بنيت تصورها مع المعارضة الخارجي على خطأ في فهم الواقع. والمعارضة الخارجية ليس لديها رافد شعبي، وهي عاجزة، وهيئة التنسيق اعتقدت أن السلطة يمكن أن تقبل تنازلات. ومناع اعتقد في لحظة أنه يمكن أن يكون زعيما للثورة فسقط في الكثير من المغالطات، وهي مشكلة الكثيرين من نخب سوريا.

كيف ستكون العلاقات السورية مع الدولة الصهيونية في حالة سقوط بشار اﻷسد ونظامه؟
أولا يجب أن نوصف الوضع جيدًا في العلاقات بين سوريا والدولة الصهيونية، فمنذ أن أتى بشار إلى السلطة وقد جرت صياغة الوضع لتغيير الموقف السوري تجاه أمريكا وإسرائيل، والعمل على تغيير إلى خطاب إلى خطاب مسالم، وقد جرت عدة مهمات لعقد حوارات مع إسرائيلين منذ 2003، ثم حوار تالي في تركيا. وكان هناك تواصل بين النظام السوري وإسرائيل بخاصة بعد 2005ومقتل رفيق الحريري. وكان مطروحا أن يسحب النظام سلاح حزب الله وكان يفاوض أمريكا على ذلك، لكن أمريكا كانت ترفض ﻷنها تعمل في مصلحة انقلاب داخلي الذي فشل في 2006 بعد دعم ساركوزي الذي سرب معلومة الانقلاب.
وكان يحاول أن يستغل حماس، رغم أنه أول من استقبل “أبو مازن” وكرسه رئيسا، ثم عزز من وجود حماس بدمشق لتكون ورقة في يديه، ومصلحة المافيا الحاكمة في سوريا هو الانخراط في الرأسمال العالمي، وبعد الاختلاف مع أمريكا نخرطت المافيا السورية مع الرأسمال الخليجي، فرامي مخلوف ظل شريكًا في مشروعات خليجية، حتى وضع اسمه في قائمة المصادرات وقام بنقل استثماراته لتركيا والتشابك مع المافيا الروسية والأوكرانية.وجوهر المصالح هو الترابط بين القوى الرأسمالية لا الوقوف في صف المقاومة.

إذن ما هي شكل العلاقة بعد بشار؟
هذا سيعتمد على القوى التي ستصل إلى السلطة، فالقوى الإسلامية والغربية مستلبة وخانعة للغرب وبالتالي ستكون العلاقة أسوأ من نظام بشار. لكن لحسن الحظ أنها لن تصل إلى السلطة..

إن لم يصل الإسلاميون أو الليبراليون للحكم فمن سيحكم سوريا ؟
النظام سيكون خليطًا بخاصة إذا حدث انقلاب من دخل النظام، وستمر البلاد بعدم استقرار فترة، والخليط لن يكون مع أمريكا، وستكون العلاقة مع الدولة الصهيونية كما هي عليها اﻵن، على الرغم من عدم وجود رؤية لدى كافة اﻷحزاب في مسألة التحرير والشأن الخارجي.

كيف تفسر موقف ميشيل عون والبطرس بشارة الراعي، ورغم محاصرة الجيش السوري من قبل لعون ومع ذلك يساند النظام السوري؟
الراعي يعبر عن قطاع من المسيحيين الخائفين من الحكم الإسلامي، وثمة حالة رعب من السلطة الإسلامية ومن صراع طائفي جديد، ومن ثم يتخوفون من هذا السيناريو. وهم مخطئون.فالنظام أرسل متفجرات عبر ميشل سماحة كانت تستهدف قتل الراعي لخلق حالة فوضى في لبنان. بالنسبة لميشل عون، فهو من كان يقف وراء القرار 1559 الذي أبعد الجيش السوري عن لبنان، لكنه اعتبر بعد انسحاب سوريا وجود شكل آخر في العلاقة مع سوريا.

السلطة المصرية لديها خطابات متباينة شكلا تجاه الأزمة فيسوريا..
المشكلة في مصر، هناك مستوى الإخوان الذي أصبح الرئيس منها، الذي يدعم الإخوان في سوريا لإقامة الخلافة الإسلامية، اﻷمر المضحك الوهمي، الذي يعتقد مرسي في تنفيذه بوعد إلهي قرر في “البيت اﻷبيض”، وهو ما دفع مرسي لدخول في صراع مع النظام السوري. أما المستوى الثاني فهو خاص بالدبلوماسية المصرية التي يصعب على مرسي تغييرها منذ اللحظة اﻷولى.وواضح أنه غير ممكن إرسال قوات عربية أو لعب دور جدي، وبالتالي ترك اﻷمور مع وجود خطاب إعلامي، باستثناء السعودية ودورها المشار إليه.

وهل مصر قادرة على لعب دور تجاه اﻷزمة السورية؟
إلى اﻵن لا، ﻷن الوضع في مصر لم يستقر، فالإخوان غير قادرين على تشكيل دولة قوية، والاعتقاد في ذلك وهم، فمطالب الثورة لم تتحق وبالتالي الثورة ستستمر، حتى تحقيق المطالب الاجتماعية والاقتصادية والدولة المدنية، ودون ذلك الإطار ستبقى السلطة ضعيفة، ووضع مرسي والإخوان سيهتز ويصبحون غير قادرين على الحكم.

نصل إلى السؤال الصعب: أشرتَ إلى انقلاب داخلي، فما هو الحل للخروج من اﻷزمة من السورية؟
ليس صعبًا، فالحل يكمن في تطوير الثورة، وتنظيم العمل الشعبي، وتشكيل قيادة موحدة داخل سوريا. وهي خطوة يمكن أن تحدث على مدى بعيد، أو أن يحدث انقلاب داخلي يقود سوريا في مرحلة انتقالية
المصدر: البداية

أضف تعليق